ايمن السبع
مؤسس المنتدى
الجنس : عدد المشاركات : 21411 العمر : 49 اعلام البلاد : تاريخ التسجيل : 21/02/2008
| موضوع: قراءة في كتاب ::. الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد الثلاثاء مايو 12, 2009 4:25 pm | |
| اسم الكتاب : الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد المؤلف: الدكتور احمد خيري العمري
يتحدث الكتاب عن الثقافة الامريكية التي تكتسح العالم و تكتسحنا معه و تكاد تتحول من مجرد ثقافة الى “نمط حياة ” و “ميزان قيم ” هو في جوهره الاعمق بمثابة “دين جديد”..خطورة هذا الدين و دهاءه يكمنان في انه لا يعلن محاربة اي دين آخر، بل يتسلل بالتدريج ليحل قيمه محل قيم الدين الاصلي دون ان يمس شعائره و طقوسه.. يزعم الدكتور أحمد خيري العمري ان هذا هو ما حدث معنا بالضبط، فقد حلت القيم الامريكية محل قيمنا القرآنية - و ان كانت طقوسنا و شعائرنا تؤدى بوتيرة متصاعدة- الا انها شعائر مفرغة من قيمها و لبها الاساسي، حيث ان عملية اسلمة القيم الامريكية تتم - احيانا بحسن نية - حيث يتم “قص “شعارات اسلامية و نصوص منتقاة بشكل جزئي ليتم “لصقها ” على القيم الامريكية المنتصرة.. لا يبحث الكتاب في كون هذه القيم خطأ او صواب بحد ذاتها ، فذلك ليس مجال بحثه ، و لكنه يبحث في توافق هذه القيم او عدم توافقها مع قيمنا الاسلامية..مع ثوابتنا القرآنية.. بحلل الكتاب في العمق ، اللب الاساسي الذي يكون الحضارة الامريكية : و هذا اللب بحسب الدكتور العمري مكون من خمسة ثوابت هي : المادية ، الفردية ، السوق بلا تدخل ن الاستهلاك ، و اخيرا الثابت الخامس الذي يستعير تسميته من الدكتور عبد الوهاب المسيري: الان و هنا.. عبر هذه الثوابت حقق الامريكيون حضارتهم و فردوسهم الارضي.. و هو فردوس - رغم ان الدكتور العمري- يسميه مستعارا - الا انه يقر ان قوته الحقيقية تكمن في انه “موجود فعلا” و ليس نظرية او ايديولوجية في بطن الكتب..لا يمكن لأي نظرية اخرى- مهكا كانت متماسكة او قوية ان تهزم هذا الفردوس المستعار ، الا عندما تقدم “تجربتها الحضارية على ارض الواقع” و هذا هو ما يقصده الكاتب بالفردوس المستعاد..اي انه مجتمعنا الذي يجب ان نبنيه.. يناقش الكتاب افكاره العميقة بلغة جذابة جميلة تروج للفكرة التي قد لا تكون “متفقا عليها” كما انه ينبذ تماما نظرية المؤامرة عند حديثه عن مروجي الحلم الامريكي عندنا- فهو يعتبر ان الهزيمة النفسية و حالة الخواء و الاحباط الحضاري التي نعيشها هي الدافع الحقيقي و الاقوى وراء عملية امركة الاسلام.. ضمن عملية التنقيب و التنقيب المضاد في الثوابت الامريكية و التوابت القرآنية يكتشق الدكتور العمري معان جديدة عميقة - كنا غافلين عنها- في اركان ديننا و ثوابتنا..و يعتبر انها يمكن ان تكون منطلقا لبناء “الحضارة الاخرى”..حضارة الفردوس المستعاد.. من الكتاب اقدم مقتطفا يتحدث فيه عن القيم الامريكية عبر تحليله للأمثال الشعبية الامريكية و دلالاتها - و يقارنها بهوس بعض الدعة في اسلمة هذه القيم دون عمق النظر و التحليل.. تعرفون الوصايا العشرة؟. بالتأكيد. إنها أول ما نزل من التوراة، على تلك الألواح الحجرية. وهي الوصايا التي شكلت، اللب الأساسي للشريعة الموسوية.. وإمتدت تاثيراتها، بشكل أو بآخر، للديانة المسيحية.. هذه الوصايا العشرة، المؤكدة على عدم عبادة الأوثان، وترك السرقة، والقتل، والزنا، والكذب.. إلخ، تصير، بالتدريج، بالنسبة لمعتنقيها، أعرافاً لا تناقش، تصير بديهيات لا جدال فيها، حتى بالنسبة لأولئك الذين ينتهكونها بين الحين والآخر- إنهم يفعلون ذلك وهم يعلمون أن يفعلون ما هو خطأ وخارج عن حدود تلك الوصايا العشر. حسناً. مفهوم وواضح وهو لا يخص الوصايا العشر التوراتية فحسب، بل يشمل أي تعليمات وأوامر دينية في أي ديانة يمكن تخيلها على الإطلاق.. لكن ما دخل الوصايا العشر فيما كنا نقوله؟. الوصايا العشر، لا تخص التجارب الدينية والشرائع السماوية فحسب. بل هي تخص التجارب الحضارية أيضاً. تخص المجتمعات وأعرافها وتقاليدها، أوامرها ونواهيها، حتى لو كانت منفصلة عن الأديان السماوية. لكل حضارة وصاياها العشرة الخاصة بها، تتمثل في الأعراف السائدة. تتمثل في مفهومها لما هو خطأ وما هو صواب، وتشكل إطاراً عاماً للقيم الأخلاقية لما يجب وما لا يجب فعله، الناس ضمن هذه الحضارة ترضع هذه القيم دون أن تشعر غالباً، وينشئون عليها، يكبرون عليها وقد سارت في الحليب الذي يجري في دمائهم.. ولكل حضارة “وصاياها العشرة” الخاصة بها. غني عن القول أن العدد لا يفترض أن يكون “عشرة”، لكنها وسيلة للتعبير عن قدسية هذه الوصايا- وأهميتها بالنسبة للحضارة المعنية. ما رأيكم إذن، ما دام الإعصار قد وصلنا، أن نتفحص “الوصايا العشرة” للحضارة صاحبة الإعصار، حضارة الفردوس المستعار .. الحضارة الأمريكية؟؟ *************** لن أفتري شيئاً، لن أذهب الى إحصاءات الإغتصاب والجريمة والولادات غير الشرعية ونسب الشذوذ الجنسي، التي تعودنا أن نذهب إليها كلما شعرنا بالضيق ورغبنا أن (نعير) الغرب. كل ذلك لا أزال أراه خراج الموضوع، لا أزال أراه مجرد تفاعلات ثانوية ونتائج نهائية لتفاعل أكبر.. لن أجلب شيئاً مني، ولا حتى من أشخاص ناقمين وناقدين لمنظومة الحياة هناك – من داخلها.. لن أذهب لليسار الأمريكي وأجلب شهادته (المطعون بها من جهة اليمين). وأقول متباهياً متفاخراً، “شهد شاهد من أهلها” كما يفعل بعضنا. لا، بل “الوصايا العشر” التي هي الأمثال والحكم التي تشكل أفقهم الأخلاقي. وفضائهم المعرفي. دعونا نرى “الوصايا العشر للحضارة الأمريكية”..
أولاً: لا تستطيع أن تجادل النجاح 1- You can not argue with success. ثانياً: عش ودع غيرك يعيش live and let live 2- ثالثاً: الوقت يطير عندما تمرح 3- Time flies when you are having fun رابعاً: تسوق حتى الموت! 4- Shop till you drop خامساً: فقط إعملها ! 5- Just do it سادساً: لا ربح بلا عناء 6- No pain, no gain سابعاً: لا تطيل الصبر على حقوقك 7- Enough is enough ثامناً: الوقت مال 8- Time is money تاسعاً: وجدت القواعد لتخرق 9- Rules are made to be broken عاشراً- الله يساعد من يساعدون أنفسهم 10- God helps those who help themselves
إنها امثال سائدة كما تلاحظون، ولا مجال للإفتراء أو التزييف. وهي تسير على ألسنة الأفراد العاديين هناك، كما تشكل الإطار العام لأفكارهم وأخلاقهم وأهدافهم- إنها المظهر (العامي) للقيم السلوكية التي تحدثت عنها.. هذه المثال، هي ذلك الجزء البارز على السطح من القيم المحركة، والأمريكيون من حقهم أن يفخروا بها، فهي موروثهم الحضاري الحقيقي، ولو تتبعنا المقال- والكتاب- الذي يتحدث عن هذه الوصايا العشرة، لرأينا أن كل (وصية) من هذه الوصايا، تشكل قيمة يفخر بها الأمريكيون ويعدونها عرفاً لا جدال في قدسيته وهيبته. ولا جدال كذلك في كونها شكل جوانب أساسية من جوانب “الشخصية الأمريكية”.. فالوصية الأولة، مثلاً، تشير الى أهمية النجاح في الثقافة الأمريكية وكونها القيمة التي تهيمن على كل القيم الأخرى، فالنجاح هو لب الحلم الأمريكي، والفشل، بهذا المفهوم، هو الخطيئة الأكبر، والإنتهاك المعيب لعرف وتعليمات الحضارة الأمريكية. والوصية الثانية تمثل رغبة الأمريكيين في التمتع بخصوصية حياتهم- دون أن يتدخل أحد فيها بالنصح أو الأرشاد أو التوجيه- وبالمقابل تشدد الوصية على حق الآخرين في ذلك أيضاً، بالتمتع بخصوصياتهم دون أن يتدخل أحد فيها.. وبينما تشدد الوصية الثالثة على أهمية إستمتاع الأمريكيين بأوقاتهم فإن الوصية الرابعة تشير الى واحدة من أهم هذه المتع: “التسوق” والتي يؤكد كاتب المقال أنها واحدة من أهم مواضيع الحوار عندهم، وينصح بأنك لو أردت أن تكسب أعجاب شخص (أمريكي) فأقنعه بإنك متسوق ذكي (smart shopper)! تشير الوصية الخامسة على كون الحضارة الأمريكية هي حضارة (فعل) لا حضارة تأمل وطول تفكير. إنها حضارة تؤمن بالعمل لا بالتنظير اووضع أطر فلسفية وفكرية له.. وتؤكد الوصية السادسة على أهمية بذل الجهد من أجل الحصول على الربح. وتقول الوصية السابعة أن (ما يكفي يكفي) ما دام الأمر يتعلق بحقوقك وكرامتك الشخصية.. وتجمع الوصية الثامنة بين الوقت والمال للإستدلال على أهميتها معاً، وتصرخ الوصية التاسعة في وجهك بأن القوانين لا أهمية لها، والأجدر بك أن تفكر في تحطيمها وإبتكار قوانين أخرى سيحطمها لاحقاً شخص آخر.. وأخيراً، تقول لك الوصية العاشرة، بأن تساعد نفسك أولاً- بالنجاح- فالله لا يساعد إلا أولئك الذين يساعدون أنفسهم.. إنتهى! ****************** هل سننبهر بذلك كله؟. هل ستسقط أفواهنا من الدهشة وقد عثرنا على وصفة النجاح الأمريكية؟. هل سنحفظ هذه الوصايا ؟ نقولها مراراً وتكراراً مع أنفسنا حتى تصير جزءاً من دواخلنا لعلنا نحقق الحلم الأمريكي الدفين- سواء أنكرنا أو لا..؟ هل ستمس هذه الوصايا أوتاراً عميقة فينا؟ .. هل سنلاحظ أنها تنادينا أيضاً؟ أو تنادي على الأقل جزءاً فينا؟.. وتمثل فعلاً بعض القيم التي نؤمن بها (عملياً) حتى لو لم نصرح بإمتلاكها نظرياً..؟ أن بعض هذه الوصايا، هي، من الآن، أمثلة سائرة على ألسنتنا، وقيم تحتل أجزاءاً من عقولنا.. وقبل ان يسرع أحد ليقول أنها قيم إنسانية عامة لا تخص حضارة بعينها، وقبل أن تأخذ (الجلالة) آخراً ليقول أنها موجودة في الفطرة، إذكر إن وجود هذه الوصايا كأمثال وكقيم عندنا، لم يأت إلا عبر الإعلام الأخطبوطي الذي أعاد تشكيل مفاهيمنا وقيمنا (شاء من شاء وأبى من ابى..). نعم، إنه الإعلام والتنويم المغناطسيي الذي يمارسه علينا، هو الذي يجعلنا نقول بين الحين والآخر (Time is money) أو ((Just do it..) .. لا فطرة. ولا إنسانية.
************************* لعل أحداً آخر سيلاحظ أن هذه الوصايا العشرة للحضارة الغازية لا تناقض أياً من مفاهيمها ومبادئنا .. حتى لو كانت لا تحتوي عليها بشكل مباشر. ولعل أحداً سيجد الحل النهائي (لنا ولهم)- بجمع وصاياهم (بإعتبارها تمثل قيم النجاح والمعاصرة) مع وصايانا (بإعتبارها تمثل قيم الروح والآخرة والأشياء المماثلة).. وكفى الله المؤمنين التفكير. ***************** ولعل واحداً آخراً من عباقرة الشيوخ والدعاة، سيمضي أكثر من هذا كله، ليلاحظ أن قائمة الوصايا العشرة هي “إسلامية جداً” – رغم إن اصحابها لا يعرفون ذلك!-، ولا أحد يعرف ذلك طبعاً سواه هو، وكيف انها تمثل قيم الاسلام الحقيقي التي اضعناها نحن، ووجدوها هم، وبنوا عليها حضارتهم التي انتصرت علينا .. سيتباكى بعدها قليلاً على حالنا. و سيأمل ان تدعونا دموعه الغالية إلى ان نهب للأخذ باسباب القوة الممثلة في قيمنا التي ( لطشوها ) ووضعوها في وصاياهم العشرة. ************ بل اني اراهم، شيوخاً ودعاة، مفكرين ووعاظ منابر، وقد وحدَّهم الحلم الامريكي على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، مختلفي الاشكال، بلحى متنوعة الاطول، او بلا لحى على الاطلاق، بوجوه لامعة صقيلة، مبتسمة، او مكفهرة، اراهم وهم يتسابقون، ويجهدون عقولهم في ايجاد روابط بين تلك الوصايا، وبين موروثاتنا من النصوص الدينية المقدسة.. سيقولون، تعليقا على الوصية الاولى المرتبطة بالنجاح، كيف ان المؤمن القوي احب الى الله من المؤمن الضعيف، وكيف ان اليد العليا خير من اليد السفلى،.. سيقولون ايضاً، عن الوصية الثانية، ان المؤمن لين هيّن، كيَّس فطن سهل التعامل مع الآخرين، يتبسم في وجوه الناس كصدقة، وسيقولون حتماً، عن الوصية الثالثة، المتعلقة بالمرح، “ان لبدنك عليك حقاً”، وان الرسول صلى الله عليه وسلم قد سابق زوجته عائشة مرتين، مرة سبقها ومرة سبقته ” وهذه بتلك” –وانه كان يداعب اطفال الصحابة وعجائز النساء..، وربما سيأتي في بالهم فيما يتعلق بالوصية الرابعة عن ” التسوق حتى الموت” ..ان يؤكدوا ان الاسلام ليس ضد الرفاهية، وان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمتلك بردة جميلة خضراء زاهية اللون وان فلاناً او سواه من الصحابة كان قد ترك كذا وكيت من الاموال كأرث لأولاده..، ولعل اذهانهم ستذهب إلى الربط بين ” فقط اعملها ” كمثل سائر يستخدم في اعلانات ***e التجارية، وبين “إذا عزمت فتوكل على الله”، او”اعقلها وتوكل”.. اراهم كذلك سيربطون بين تقديس الوقت عندنا وكيف ان الله سبحانه وتعالى قد قسم به، وبين Time is money في الوصايا العشر. ********* ولعلهم سيفرحون بالصلة التي يعتبرونها واضحة بين تلك الوصية العاشرة التي تؤكد ان الله يساعد من يساعد نفسه، مع الآية القرآنية الكريمة ” ما يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..” نعم. سيقولون ذلك واكثر. وستتهدج اصواتهم من التأثر بالخطب العظيم، وكيف ان خارطة الكنز قد كانت عندنا ولم ننتبه لها واخذها هؤلاء وبنوا عليها بنيان حضارتهم- ولذلك وكذلك ورغما عن وبما ان وبسبب من كل ذلك علينا ان نستعيد تلك ( الوصايا) - بما انها بالاصل وصايانا- من اجل ان نبني نهضتنا الجديدة.. حسناً. كل ذلك سيحدث. وفي الحقيقة انه يحدث الان فعلاً بطريقة أو بأخرى.. وبينما اشد بيدي على ايديهم مهنئاً على براعتهم في التوفيق التلفيقي، فأني اؤكد مرة اخرى ان ذلك الهذر كله خارج الموضوع. (.. واتساءل هنا، ان كان الامر يحدث بنية التلفيق المسبقة ام انه اكبر واعمق من هذا كله، وانهم حقاً منهزمون لهذهِ الدرجة..). *********************** اتأمل في تلك الوصايا العشرة، لحضارة الفردوس المستعار،من زاوية اخرى، غير زاوية الهزيمة، غير زاوية الانكسار عند الاعصار بل من زاوية التفحص بنية اعادة البناء.. .. وتبدو لي هذهِ الوصايا العشر، بعيدةً جداً، عن ما حاول دعاتنا وشيوخنا الايحاء به. ****************** اتأمل في الوصية الاولى، في كل كلمة منها، فلا ارى ذلك المؤمن القوي الذي هو احب الى الله من المؤمن الضعيف. بل ارى رؤية اخرى للنجاح، رؤية مناقضة ومضادة مع كل ما جاء به الاسلام من مفاهيم. النجاح في هذهِ الوصايا هو بمقاييس خاصة، تتلاءم وتنسجم مع نفسها، ومع بقية الوصايا بالتأكيد، ومع طريقة الحياة هناك، ومع لب وفحوى حضارة الفردوس المستعار. انه النجاح المادي طبعاً. النجاح الذي يجلب المزيد من المادة، التي تجلب المزيد من السلع، والاشياء التي يكبر حجمها بالتدريج، ويدل ذلك على المزيد من النجاح: كلما كبر البيت، وكبر مرآب السيارات الملحق، وكبرت السيارة، وكبرت صالة الضيوف، وكبر جهاز التلفاز حتى يكاد يملأها، فأن ذلك يدل على ذلك النوع من النجاح الذي تقول الوصية الاولى ” انه لا يناقش”. انه النجاح المادي وحسب. وهذهِ الوصية تعبر عن ذلك بأقصى ما تستطيعه الكلمات. النجاح المادي ولا شيء بعده. ماذا لدينا سواه حقاً، لقد دخل الامر في ادمغتنا نحن ايضاً، وانا اذ اذكر الان بالأمر، فأنكم قد تذكرتم وستقولون نعم، ” النجاح في الآخرة” مهم ايضاً..، ويمكن لنا ان ندعي، لو شئنا، ان الوصية الاولى قد تعني ذلك ايضاً.. ويكمن لنا ان نطفيء النور بينما نحن نقضم التفاحة.. لكن ذلك لن يغير حقيقة كونها منخورة بالدود.. ولن يغير ايضاً ان كل تلك الوصايا، مصممة حسب مقاييس ومواصفات الوصية الاولى: النجاح مادة. ******************** .. اتأمل ايضاً في عدم امكانية الجدل مع النجاح. ان ذلك يعني، انك عندما تحققه، فأنك ستحوز احترام الكل مهما كانت الوسيلة التي حققته بها.. (ان ذلك لا يجادل)… ********************** واتأمل ايضاً، دون ان اقف عند كل وصية تحديداً، فألاحظ ان قائمة الوصايا العشرة تخلو تماماً من كل ذكر للعدالة الاجتماعية او التكافل الاجتماعي.. او حتى قيم العائلة.. هناك ذكر للتسوق، ولكن ليس هناك ذكر للعائلة! ********************* .. ناهيك عن قيم العفة طبعاً.. ( عمَّ اتحدث؟). ********************** وسألاحظ ان الله موجود في الوصية الاخيرة تحديداً. سيقول واضع ومصمم الوصايا ان ذلك مقصود. سيقول لنا بصراحة ان الله موجود فعلاً في سلم اولويات الحضارة الامريكية، لكنه موجود في نهايتها، انه بعد قيم النجاح والمال والتفاصيل الاخرى المتعلقة بهما. وسيقول لنا ان هناك فعلاً من الامريكيين من يقدم ( الله) اكثر في سلم الاولويات . ولكنه سيطمئننا إلى ان هؤلاء اقلية.. وبالتالي لن يؤثروا كثيراً في النتيجة النهائية . ********************** احب ان اشير هنا، إلى ان كل ذلك شأن الامريكيين وحدهم. من حقهم ان يضعوا اولوياتهم بالشكل الذي يرونه مناسباً لهم، ومن شأنهم وحدهم ان يكون الله في المرتبة الاولى من سلم قيمهم او الاخيرة، او ان لايكون اساساً في أي مرتبة على الاطلاق.(فهو عز و جل الغني عن العالمين)… الامر هو، ان من حقنا نحن، ان نعترض على (قيمهم) عندما تعرض علينا بالقوة،او بغير القوة اي عندما تسوق على انها وحدها القيم وسواها الهباء.. واشير ايضاً، إلى ان الامر اعمق من مجرد (تغيير في ترتيب الاولويات)، او توفيق تلفيقي نمارسه من اجل ارضاء ضمائرنا المنهكة - انها منظومتي قيم مختلفتين من الجذر، من الاساس، وتشابه بعض التفاصيل الثانوية هنا او هناك لن يغير من هذهِ الحقيقة قط.. (حتى لو اوهمنا انفسنا بغير ذلك.. )… | |
|
نبض الحنان
كبيره مشرفين
الجنس : عدد المشاركات : 919 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 09/07/2009
| موضوع: رد: قراءة في كتاب ::. الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد السبت يوليو 11, 2009 3:50 pm | |
| | |
|
صباح محمد سبع نشيط
عدد المشاركات : 606 العمر : 33 اعلام البلاد : تاريخ التسجيل : 27/06/2009
| موضوع: رد: قراءة في كتاب ::. الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد الإثنين يوليو 13, 2009 12:04 pm | |
| | |
|
bhzadmohamed
مشرف
عدد المشاركات : 756 العمر : 31 اعلام البلاد : تاريخ التسجيل : 09/07/2009
| موضوع: رد: قراءة في كتاب ::. الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد الإثنين يوليو 13, 2009 11:04 pm | |
| | |
|